المشيمة الملتصقة – Placenta accreta
تُعد المشيمة الملتصقة من أخطر مضاعفات الحمل التي تهدد حياة الأم والجنين، وهي حالة تنطوي على اختراق غير طبيعي للمشيمة في جدار الرحم. في الحمل الطبيعي، تنفصل المشيمة بسهولة عن جدار الرحم بعد ولادة الطفل. أما في المشيمة الملتصقة، فإن المشيمة تلتصق بقوة غير طبيعية بجدار الرحم، مما قد يؤدي إلى نزيف حاد أثناء الولادة أو بعدها. في بعض الحالات، تتغلغل المشيمة بعمق أكبر في عضلة الرحم (Placenta increta) أو حتى تخترق الرحم بالكامل (Placenta percreta)، وهي أشد أنواع الحالة.
ما هي المشيمة الملتصقة؟
المشيمة الملتصقة (Placenta accreta) هي حالة يُصبح فيها جزء من المشيمة أو كلها ملتصقًا بشكل غير طبيعي بجدار الرحم. تنقسم هذه الحالة إلى ثلاث درجات حسب مدى عمق اختراق المشيمة لجدار الرحم:
1. Placenta accreta: التصاق المشيمة ببطانة الرحم دون اختراق عضلته (الأكثر شيوعًا).
2. Placenta increta: اختراق المشيمة إلى عضلة الرحم (العضل الرحمي).
3. Placenta percreta: اختراق المشيمة جدار الرحم بالكامل، وقد تصل إلى أعضاء مجاورة مثل المثانة.
ما مدى شيوع إلتصاق المشيمة؟
في العقود الأخيرة، ارتفعت نسبة الإصابة بالمشيمة الملتصقة بشكل ملحوظ بسبب زيادة معدلات الولادة القيصرية. وتشير الدراسات إلى أن نسبة الإصابة تبلغ حوالي 1 من كل 2500 إلى 1 من كل 500 حالة ولادة.
ما هي أسباب وعوامل خطر المشيمة الملتصقة؟
لا تُعرف الأسباب الدقيقة لحدوث المشيمة الملتصقة، لكن توجد عدة عوامل خطر تزيد من احتمال الإصابة، أبرزها:
1. الولادات القيصرية السابقة
كلما زاد عدد العمليات القيصرية السابقة، زاد خطر الإصابة، خاصة إذا كانت المشيمة في الحمل الحالي تقع على الجدار الأمامي السفلي (Placenta previa).
2. وجود مشيمة سابقة منخفضة أو منزاحة (Placenta previa)
عند تزامن وجود مشيمة منزاحة مع تاريخ ولادات قيصرية، تزداد احتمالية المشيمة الملتصقة بدرجة كبيرة.
3. جراحات سابقة في الرحم
مثل استئصال أورام ليفية في الرحم أو كشط متكرر للرحم بعد الإجهاض.
4. السن المتقدمة للحامل
النساء فوق سن 35 أكثر عرضة للإصابة بالمشيمة الملتصقة.
5. التدخين أو أمراض في بطانة الرحم
قد تلعب دورًا في زيادة احتمالية حدوث التصاق غير طبيعي للمشيمة.
ما هي أعراض المشيمة الملتصقة؟
غالبًا لا تظهر أعراض واضحة خلال الحمل، ويتم اكتشاف الحالة أثناء الفحص الدوري بالموجات فوق الصوتية. ومع ذلك، قد تظهر بعض الأعراض، خصوصًا في الحالات المعقدة:
- نزيف مهبلي غير طبيعي في الثلث الثالث من الحمل.
- نزيف شديد أثناء الولادة أو بعدها.
- فشل المشيمة في الانفصال عن الرحم بعد الولادة.
كيف يمكن تشخيص المشيمة الملتصقة؟
يتم التشخيص عادة قبل الولادة من خلال:
1. الموجات فوق الصوتية (Ultrasound)
هي الأداة الأساسية لتحديد موقع المشيمة، عمق اختراقها، وعلاقتها بجدار الرحم.
2. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
يُستخدم لتقييم الحالات المشتبه بها بدقة أكبر، خاصة إذا كان يُحتمل وجود Placenta increta أو percreta.
3. الفحص السريري والتاريخ الطبي
سؤال الحامل عن عدد الولادات القيصرية السابقة أو أي تدخلات جراحية في الرحم مهم جدًا.
ما هي المضاعفات المحتملة؟
إذا لم يتم اكتشاف المشيمة الملتصقة ومعالجتها بالشكل المناسب، يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة:
- نزيف شديد: قد يُهدد حياة الأم ويتطلب نقل كميات كبيرة من الدم.
- استئصال الرحم: في كثير من الحالات، يكون العلاج الوحيد هو إزالة الرحم بالكامل.
- تلف الأعضاء المجاورة: خاصة في حالات اختراق المشيمة المثانة أو الأمعاء.
- الوفاة: نادرة لكن محتملة إذا لم يتم التعامل السريع مع الحالة.
كيف يمكن التعامل مع الحمل في حال وجود مشيمة ملتصقة؟
عندما يتم تشخيص المشيمة الملتصقة أثناء الحمل، يجب اتباع خطة دقيقة للرعاية:
1. إشراف مركز متخصص
يجب أن تتم الولادة في مستشفى مجهز بغرفة عمليات طوارئ، وبنك دم، وفريق طبي متعدد التخصصات (نساء وتوليد، جراحة، تخدير، عناية مركزة).
2. تحديد توقيت الولادة
عادةً ما يُقرر إجراء ولادة قيصرية مبرمجة في الأسبوع 34–36 قبل بداية الطلق التلقائي لتقليل خطر النزيف.
3. التحضير لاحتمالية استئصال الرحم
في كثير من الحالات، لا تُفصل المشيمة يدويًا، بل يُزال الرحم بالكامل لتقليل خطر النزيف.
4. نقل الدم وتوفير مشتقاته
يجب تجهيز وحدات دم كافية قبل العملية.
ما هي طرق العلاج؟
1. العلاج الجراحي
- الولادة القيصرية مع استئصال الرحم هي الخيار الأمثل والأكثر أمانًا في حالات accreta أو increta أو percreta.
- لا يُنصح بمحاولة إزالة المشيمة يدويًا لأنها قد تسبب نزيفًا قاتلًا.
2. العلاج التحفظي (في حالات مختارة)
في بعض الحالات النادرة، وخصوصًا إذا كانت المرأة ترغب في الحفاظ على الخصوبة:
- تُترك المشيمة داخل الرحم بعد الولادة.
- تُراقب الأم طبيًا وقد تُعطى أدوية مثل الميثوتركسات للمساعدة في ضمور المشيمة.
- هذا الخيار محفوف بالمخاطر ويحتاج متابعة دقيقة لتجنب العدوى أو النزيف.
هل يمكن الوقاية من المشيمة الملتصقة أو تقليل المخاطر؟
لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية، لكن يمكن تقليل المخاطر عبر:
- تجنب الولادات القيصرية غير الضرورية.
- المتابعة الدقيقة للحوامل ذوات التاريخ القيصري أو وجود مشيمة منزاحة.
- تقديم المشورة للحامل في وقت مبكر في حال الاشتباه بالمشكلة.
كيفية التعافي والمتابعة بعد الولادة
بعد استئصال الرحم، تحتاج المريضة إلى:
- متابعة دقيقة في وحدة العناية المركزة.
- علاج لفقر الدم إن وُجد.
- دعم نفسي، خصوصًا في حال استئصال الرحم وفقدان القدرة على الإنجاب.
- المراجعة المنتظمة للتأكد من الشفاء التام وعدم حدوث مضاعفات متأخرة مثل الالتهابات أو التليفات.
الخاتمة
المشيمة الملتصقة من أخطر حالات الحمل التي تتطلب درجة عالية من الحذر والتخطيط. الفحص المبكر، التشخيص الدقيق، والتحضير الجيد للعملية يمكن أن ينقذ حياة الأم والجنين. ويجب على الأطباء والنساء الحوامل العمل سويًا لتقليل التدخلات الجراحية غير الضرورية في الأحمال السابقة، مما يُقلل من احتمال الإصابة بهذه الحالة في المستقبل.