الحمل خارج الرحم
يُعتبر الحمل خارج الرحم (Ectopic Pregnancy)، من الحالات الطبية الطارئة التي قد تهدد حياة المرأة في حال تأخر التشخيص أو العلاج. يحدث هذا النوع من الحمل عندما تنغرس البويضة المخصبة خارج التجويف الرئيسي للرحم، وغالبًا ما يكون ذلك داخل قناة فالوب. ولأن هذه القنوات غير مهيأة لنمو الجنين، فإن استمرارية هذا الحمل مستحيلة، وقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
الجهاز التناسلي الأنثوي ودوره في الحمل
يتكون الجهاز التناسلي الأنثوي من مجموعة من الأعضاء الداخلية والخارجية، لكل منها دور مهم في عملية الحمل. الأعضاء الداخلية تشمل:
-
- المبيضان (Ovaries): يُنتجان البويضات والهرمونات الأنثوية (الاستروجين والبروجستيرون).
- قناتا فالوب (FallopianTubes): تمتدان من المبيضين إلى الرحم، وتحدث فيهما عملية الإخصاب (اندماج الحيوان المنوي مع البويضة). وهنا يبدأ خطر الحمل خارج الرحم إذا لم تنتقل البويضة المخصبة إلى الرحم.
- الرحم (Uterus): وهو العضو الذي يستقبل البويضة المخصبة ويهيئ لها بيئة مناسبة للنمو.
- عنق الرحم (Cervix): الجزء السفلي من الرحم، يربطه بالمهبل.
- المهبل (Vagina): القناة التي تصل الجهاز التناسلي الخارجي بالرحم، ويخرج منها دم الحيض والجنين عند الولادة.
أي خلل أو تلف في أجزاء هذا الجهاز – خاصة قناتي فالوب – قد يؤدي إلى فشل انتقال البويضة إلى الرحم، مما يزيد احتمال الحمل خارج الرحم.
ما هو الحمل خارج الرحم؟
في الوضع الطبيعي، تنتقل البويضة المخصبة من المبيض إلى الرحم عبر قناة فالوب، حيث تنغرس في بطانة الرحم وتبدأ بالنمو. أما في حالة الحمل خارج الرحم، فإن البويضة تنغرس في مكان غير مناسب، وغالبًا ما يكون:
-
- قناة فالوب (الأكثر شيوعًا – حوالي 95% من الحالات).
- المبيض.
- عنق الرحم.
- التجويف البطني.
كيف يحدث الحمل خارج الرحم؟
في الحالة الطبيعية، تلتقط قناة فالوب البويضة بعد الإباضة وتنقلها إلى الرحم خلال 3–5 أيام، لكن إذا حدث خلل في هذه الآلية – مثل تباطؤ حركة الأهداب أو وجود انسداد جزئي – فإن البويضة قد تنغرس قبل أن تصل إلى الرحم، محدثة حملًا خارج الرحم. هذه الآلية تفسر لماذا تزداد الخطورة في حالات الالتهاب أو الجراحة السابقة في الحوض.
الفرق بين الحمل الطبيعي والحمل خارج الرحم
رغم أن الحمل الطبيعي والحمل خارج الرحم قد يبدآن بأعراض متشابهة في مراحلهما الأولى، إلا أن هناك فروقًا واضحة بين الحالتين. في الحمل الطبيعي، تنغرس البويضة داخل بطانة الرحم، ويُلاحظ كيس الحمل بوضوح عند الفحص بالموجات فوق الصوتية داخل الرحم بعد الأسبوع الخامس تقريبًا، ويصاحب ذلك أعراض الحمل الشائعة مثل تأخر الدورة الشهرية، غثيان الصباح، وتغيرات في الثدي. أما في الحمل خارج الرحم، فتنغرس البويضة المخصبة في مكان غير مناسب – عادةً في قناة فالوب – ما يؤدي إلى أعراض إضافية مثل ألم حاد في جهة واحدة من البطن، نزيف مهبلي غير طبيعي، وأحيانًا ألم في الكتف أو دوخة شديدة نتيجة النزيف الداخلي. كما يُلاحظ في الفحوصات غياب كيس الحمل داخل الرحم مع وجود مستوى مرتفع نسبيًا لهرمون الحمل (β-hCG)، مما يستدعي التحقق من وجود حمل خارج الرحم.
الأسباب وعوامل الخطورة
لا يحدث الحمل خارج الرحم دائمًا نتيجة سبب محدد، لكن هناك عدة عوامل تزيد من احتمالية الإصابة به، منها:
-
- التهاب أو تلف في قناة فالوب: مثل التهاب الحوض المزمن أو نتيجة عدوى جنسية مثل الكلاميديا أو السيلان.
- الخضوع لجراحة سابقة في الحوض أو قناة فالوب.
- الحمل خارج الرحم السابق.
- استخدام وسائل منع الحمل مثل اللولب (IUD)، مع أن فرص الحمل قليلة أثناء استخدامه، لكن في حال حدوثه قد يكون خارج الرحم.
- الإخصاب الصناعي (IVF).
- التدخين: يزيد من خطر حدوث اضطرابات في حركة البويضة.
متى تظهر أعراض الحمل خارج الرحم؟
عادةً ما تبدأ الأعراض في الظهور بين الأسبوع الرابع إلى الأسبوع الثامن من الحمل، وقد تختلف شدة الأعراض حسب موقع الحمل وحجمه. في البداية قد تُشبه أعراض الحمل الطبيعي، لكن مع تقدم الحالة، تظهر العلامات التحذيرية مثل الألم الحاد أو النزيف.
أعراض الحمل خارج الرحم
قد تظهر أعراض الحمل خارج الرحم في الأسابيع الأولى من الحمل، وتتضمن:
-
- ألم في أحد جانبي الحوض أو أسفل البطن.
- نزيف مهبلي خفيف أو غير معتاد.
- دوخة أو إغماء (علامة على وجود نزيف داخلي).
- ألم في الكتف (نتيجة تهيج الحجاب الحاجز بسبب النزيف في البطن).
- أعراض الحمل التقليدية: مثل انقطاع الدورة، الغثيان، وألم الثدي.
تشخيص الإصابة بالحمل خارج الرحم
يُعتمد في التشخيص على مجموعة من الوسائل تشمل:
-
- اختبار الحمل الرقمي (Beta-hCG): يظهر مستويات الهرمون وإذا كانت أقل من المتوقع فقد تكون إشارة.
- السونار المهبلي (Transvaginal Ultrasound): يساعد في تحديد موقع الحمل، وفي حال عدم رؤية كيس الحمل داخل الرحم بعد الأسبوع الخامس مع وجود هرمون حمل مرتفع، يشتبه بالحمل خارج الرحم.
- الفحص السريري: لتقييم الألم، النزيف، أو علامات النزيف الداخلي.
مضاعفات الحمل خارج الرحم
إذا لم يُشخّص الحمل خارج الرحم في الوقت المناسب، قد يحدث:
-
- تمزق قناة فالوب، ما يؤدي إلى نزيف داخلي حاد.
- صدمة هبوط ضغط الدم بسبب فقدان الدم.
- العقم أو ضعف الخصوبة لاحقًا في حال تلف القناة.
العلاج
يعتمد العلاج على حجم الحمل، موقعه، وحالة المريضة الصحية، وتشمل الخيارات:
-
- العلاج الدوائي: الميثوتركسيت (Methotrexate): دواء يوقف نمو الخلايا الجنينية ويُعطى عن طريق الحقن. يُستخدم في الحالات المبكرة غير المعقدة.
- العلاج الجراحي: في حال وجود أعراض شديدة أو تمزق القناة، يتم التدخل الجراحي الطارئ عن طريق: المنظار البطني (Laparoscopy): لاستئصال الحمل أو إزالة قناة فالوب إن كانت متضررة. أو فتح البطن التقليدي (Laparotomy) في الحالات الطارئة.
هل يمكن إنقاذ الحمل خارج الرحم؟
للأسف، الحمل خارج الرحم لا يمكن استمراره أو إنقاذ الجنين، لأن المكان غير مهيأ لاحتواء الحمل. لكن الاكتشاف المبكر قد يسمح بالحفاظ على قناة فالوب، وتقليل فرص حدوث المضاعفات.
ما هي فرص الحمل بعد التعافي؟
الكثير من النساء يحملن بشكل طبيعي بعد الحمل خارج الرحم. ولكن هناك:
-
- فرصة تكرار الحمل خارج الرحم بنسبة 10–20%.
- ضرورة الفحص المبكر جدًا في الحمل التالي.
- في حال إزالة إحدى قناتي فالوب، تبقى فرصة الحمل قائمة بوجود القناة الأخرى.
المتابعة والوقاية
-
- يجب متابعة مستوى هرمون الحمل بعد العلاج حتى يعود للصفر.
- يُنصح بالانتظار قبل محاولة الحمل مجددًا، بحسب طريقة العلاج (شهرين على الأقل بعد الميثوتركسيت).
- المتابعة مع الطبيب المتخصص عند كل حمل لاحق للتأكد من أن الحمل في موقعه الصحيح.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالحمل خارج الرحم؟
-
- علاج التهابات الحوض مبكرًا: مثل الكلاميديا والسيلان، لأنها قد تؤدي إلى تلف قناتي فالوب.
- الابتعاد عن العلاقات الجنسية غير الشرعية: لتقليل خطر العدوى المنقولة جنسيًا.
- الإقلاع عن التدخين: فالتدخين يؤثر سلبًا على وظيفة الأهداب في قناة فالوب ويزيد من فرص حدوث الحمل خارج الرحم.
- المتابعة الطبية المنتظمة: خصوصًا بعد حدوث حمل خارج الرحم سابقًا، للتأكد من سلامة الحمل الجديد.
- الحرص عند استخدام وسائل منع الحمل: خاصة اللولب، حيث قد يحدث حمل خارجي نادرًا إذا فشل في منع الحمل.
- استشارة الطبيب قبل الحمل بعد جراحات الحوض أو البطن: لأن بعض الجراحات قد ترفع نسبة الخطر.
- عدم تأجيل علاج المشاكل الهرمونية أو اضطرابات التبويض: والتي قد تساهم في انغراس غير طبيعي للبويضة.
الخلاصة
الحمل خارج الرحم حالة طبية خطيرة لكنها قابلة للعلاج إذا تم اكتشافها مبكرًا. من الضروري لكل سيدة حامل أن تخضع لفحص مبكر بالموجات فوق الصوتية، خاصة إذا كانت معرضة لعوامل الخطر. التشخيص المبكر والمتابعة الطبية السليمة يمكن أن تنقذ حياة الأم وتحافظ على خصوبتها المستقبلية.
أقرأي أيضًا “كيف أعرف ان الحمل خارج الرحم“