الإجهاض (Abortion)
يُعد الإجهاض “Abortion ” من أكثر المضاعفات التي قد تواجه النساء أثناء الحمل. ورغم أنه موضوع حساس من الناحية النفسية والاجتماعية، إلا أن التوعية به ضرورية للغاية، سواء للوقاية أو للتعامل السليم عند حدوثه. الإجهاض قد يحدث بصورة طبيعية (تلقائية) أو يتم بشكل طبي لأسباب متعددة. وفي هذا المقال نستعرض جميع الجوانب المتعلقة بالإجهاض، من تعريفه وحتى التبعات النفسية والدينية.
ما هو الإجهاض؟
الاجهاض هو إنهاء الحمل قبل الأسبوع العشرين من عمر الجنين، حيث يكون الجنين غير قادر على الحياة خارج الرحم. وإذا حدث بعد الأسبوع 20 يسمى عادة “ولادة مبكرة متأخرة” أو “إملاص” (Stillbirth)، لكن مصطلح “إجهاض” يُستخدم تحديدًا قبل هذا الحد الزمني.
ما هي أنواع الإجهاض؟
يُصنف الإجهاض إلي عدة أنواع رئيسية منها:
الإجهاض التلقائي (Spontaneous Miscarriage)
تشمل أنواع الاجهاض التلقائي ما يلي:
-
- الإجهاض المُهدد (Threatened): تظهر أعراض مثل النزيف الخفيف وآلام أسفل البطن، لكن يظل عنق الرحم مغلقًا، والجنين حي، وقد يستمر الحمل بشكل طبيعي.
- الإجهاض المحتوم (Inevitable): يصاحب النزيف اتساع عنق الرحم، مما يعني أن فقدان الحمل أصبح لا مفر منه.
- الإجهاض غير الكامل (Incomplete): يخرج جزء من الأنسجة، بينما يظل جزء آخر داخل الرحم، مما قد يسبب نزيفًا مستمرًا أو عدوى.
- الإجهاض الكامل (Complete): يُطرد الجنين وكل محتويات الحمل خارج الرحم، ويتوقف النزيف تدريجيًا.
- الإجهاض الصامت (Missed Miscarriage): موت الجنين داخل الرحم دون أعراض ملحوظة، واكتشافه يتم غالبًا أثناء فحص روتيني.
- الإجهاض المتكرر (Recurrent Miscarriage): يُشخّص عند حدوث ثلاث حالات إجهاض تلقائي أو أكثر متتالية، وهو يستدعي تقييمًا شاملاً للأسباب.
الإجهاض العلاجي (Therapeutic Abortion)
يُجرى تحت إشراف طبي لأسباب صحية تتعلق بالأم أو الجنين، مثل:
-
- وجود تشوهات خلقية قاتلة في الجنين.
- تهديد حياة الأم مثل تسمم الحمل الشديد أو النزيف غير المسيطر عليه.
الإجهاض الاختياري أو المتعمد (Elective Abortion)
يتم برغبة الأم لأسباب غير طبية، وهو موضوع مثير للجدل في كثير من الدول، ويخضع لقوانين دينية وأخلاقية وتشريعية مختلفة.
أسباب الإجهاض المختلفة
تشمل أسباب الاجهاض المختلفة ما يلي:
أسباب جنينية (50–70% من الحالات)
-
- تشوهات كروموسومية مثل التثلث الصبغي 21 (متلازمة داون)، أو تثلث الصبغي 18 أو 13.
- فشل انغراس الجنين داخل الرحم.
- عيوب خلقية غير مرتبطة بالكروموسومات.
أسباب رحمية
-
- تشوهات الرحم الخلقية (مثل الحاجز الرحمي أو الرحم ذو القرنين).
- الأورام الليفية، خاصة تحت المخاطية.
- التصاقات داخل الرحم (متلازمة أشرمان).
أسباب تتعلق بالأم
-
- اضطرابات الغدة الدرقية (خمول أو فرط).
- السكري غير المنضبط.
- الذئبة الحمراء (SLE) أو متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد (APS).
- ارتفاع ضغط الدم الشديد أو تسمم الحمل.
- سوء التغذية الحاد أو نقص حمض الفوليك.
أسباب مناعية ودموية
-
- فصائل دم غير متوافقة (مثل Rh incompatibility).
- وجود أجسام مضادة تهاجم الجنين (autoimmune causes).
عدوى
-
- التوكسوبلازما.
- الحصبة الألمانية.
- السيتوميجالو فيروس (CMV).
- الهربس التناسلي.
- الالتهابات المهبلية الشديدة.
عوامل بيئية أو سلوكية
-
- التدخين.
- الكحول.
- المخدرات.
- الإجهاد النفسي المزمن.
- التعرض للسموم أو الأشعة.
العلامات والأعراض
-
- نزيف مهبلي (من خفيف إلى شديد).
- ألم بأسفل البطن أو الظهر.
- تقلصات شبيهة بآلام الطمث.
- خروج أنسجة أو تجلطات دموية.
- توقف مفاجئ لأعراض الحمل (كغثيان الثلث
التشخيص
-
- الفحص الإكلينيكي: للتحقق من فتح عنق الرحم وشدة النزيف.
- الموجات فوق الصوتية (السونار): أهم أداة لرؤية كيس الحمل، الجنين، وجود نبض من عدمه.
- تحليل هرمون الحمل (Beta-hCG): لقياس مدى تطور الحمل.
- تحاليل الدم: لتحديد فصيلة الدم، فقر الدم، والالتهابات.
العلاج
تشمل طرق علاج الاجهاض المختلفة ما يلي:
الاجهاض غير الكامل أو الصامت
-
- العلاج الدوائي: باستخدام الميزوبروستول لتحفيز انقباضات الرحم وطرد بقايا الحمل.
- العلاج الجراحي: كحت وتنظيف الرحم (D&C) في حال وجود نزيف مستمر أو فشل الأدوية.
- العلاج الانتظاري: مراقبة الحالة دون تدخل، ويُفضل إذا كانت الأعراض بسيطة.
الاجهاض المهدد
-
- راحة جسدية.
- مثبّتات الحمل (مثل البروجسترون).
- تجنّب العلاقة الزوجية.
- متابعة بالسونار وتحاليل الدم.
المضاعفات المحتملة للاجهاض
-
- النزيف الشديد: قد يحتاج إلى تدخل جراحي أو نقل دم.
- العدوى الرحمية: وتعرف بـ”إجهاض إنتاني”، وقد تكون خطيرة إن لم تعالج.
- التصاقات الرحم (Asherman Syndrome): خاصة بعد الكحت المتكرر.
- العقم الثانوي: في حال حدوث مضاعفات رحمية أو التهابات حوضية.
- الصدمة النفسية: من أكثر المضاعفات إغفالًا.
الدعم النفسي بعد الاجهاض
فقدان الحمل، خاصة في المرات الأولى، قد يسبب صدمة نفسية كبيرة للمرأة، تتراوح من الحزن الشديد إلى الاكتئاب السريري. الدعم النفسي مهم، ويشمل:
-
- احتواء الأسرة.
- جلسات دعم نفسي فردي أو جماعي.
- التثقيف بأن الإجهاض أمر شائع وليس دائمًا بسبب خطأ من الأم.
- إشراك الزوج في الدعم النفسي.
الجانب الديني والاجتماعي للاجهاض
الجانب الديني والاجتماعي للاجهاض يشمل ما يلي:
في الإسلام
-
- الإجهاض محرم بعد نفخ الروح (120 يومًا)، إلا إذا كانت حياة الأم مهددة.
- قبل هذه الفترة، هناك خلاف فقهي، لكن يُفضل أن يكون السبب ضروريًا ومُقدرًا طبيًا.
في المجتمع
-
- وصمة الإجهاض قد تُسبب شعورًا بالذنب لدى النساء.
- التوعية بأن الاجهاض ليس نتيجة دائمًا للإهمال ضرورية لكسر الحواجز الاجتماعية.
طرق وقاية الحامل من الإصابة بالاجهاض
-
- البدء في الحمل بعد استشارة طبية، خاصة لمن لديهن أمراض مزمنة.
- تناول حمض الفوليك قبل الحمل وخلال الأشهر الأولى.
- علاج أي عدوى أو خلل هرموني قبل الحمل.
- المتابعة الدورية مع طبيب النساء أثناء الحمل.
- الامتناع عن التدخين، والكحول، والمجهود البدني المفرط.
الخلاصة
الاجهاض تجربة مؤلمة، لكنه أيضًا واقع طبي يمكن التعامل معه والوقاية من تكراره في كثير من الحالات. الفهم الصحيح للإجهاض، أسبابه، وأثره النفسي والاجتماعي، يساهم في تخفيف الألم وتحقيق الشفاء الشامل للمرأة، جسديًا ونفسيًا. ومن المهم نشر التوعية، وتقديم الدعم، وكسر الحواجز النفسية والاجتماعية المرتبطة بهذا الموضوع الحساس.