- علاج صفار الأطفال في البيت
مقدمة لعلاج صفار الأطفال في البيت
يعتبر صفار الأطفال، المعروف أيضًا باليرقان الوليدي (Neonatal jaundice)، من الحالات الشائعة بين الأطفال حديثي الولادة، حيث يظهر على شكل اصفرار في الجلد وبياض العين نتيجة ارتفاع مستوى البيليروبين في الدم (Serum Bilirubin). عادةً ما يكون الصفار حالة طبيعية تزول بمفردها دون الحاجة لتدخل طبي، لكن بعض الحالات قد تتطلب متابعة طبية وعلاج. في هذا المقال، سنتناول كيفية علاج صفار الأطفال في البيت، مع تقديم نصائح وإرشادات تساعد في تسريع عملية الشفاء.
ما هو صفار الأطفال Neonatal Jaundice؟
صفار الأطفال هو حالة طبية تحدث عندما تتراكم مادة البيليروبين (Bilirubin) في الدم. البيليروبين هو ناتج طبيعي لتفكك خلايا الدم الحمراء (RBCs)، ويتم التخلص منه عن طريق الكبد. ولكن نظرًا لأن كبد الطفل حديث الولادة لم يكتمل نموه بعد، فقد لا يكون قادرًا على معالجة البيليروبين بشكل فعال مما يؤدي إلى إرتفاع مستوى البيليروبين في الدم ، وبالتالي يتسبب في ظهور الصفار عند الطفل .
أسباب وأنواع صفار الأطفال
قبل الحديث عن علاج صفار الأطفال في البيت يجب أولا معرفة أسباب الصفار عند الأطفال وأنواعه. توجد عدة أسباب تؤدي إلى إصابة الطفل بالصفار أو اليرقان، منها:
- عدم اكتمال نضج الكبد: في الأيام الأولى بعد الولادة، يكون كبد الطفل غير ناضج بشكل كافي للتخلص من البيليروبين بكفاءة.
- الرضاعة الطبيعية: بعض الأطفال الذين يرضعون طبيعيًا قد يعانون من صفار الرضاعة بسبب نقص التغذية في الأيام الأولى.ولتفادي هذه المشكلة يجب البحث عن حلول سريعة لزيادة لبن الأم.
- الصفار الفسيولوجي (Physiological Jaundice): وهو النوع الأكثر شيوعًا، يظهر في اليوم الثاني أو الثالث بعد الولادة، ويختفي تلقائيًا خلال أسبوع إلى أسبوعين.
- الصفار المرضي(Pathological Jaundice): يحدث نتيجة مشاكل أخرى مثل عدم توافق فصائل الدم بين الأم والطفل، أو أمراض الكبد، أو العدوى.
الفرق بين الصفار الفسيولوجي والصفار المرضي
الفرق بين الصفار الفسيولوجي والصفار المرضي عند حديثي الولادة يظهر في الأسباب والأعراض وطرق العلاج لكل منهما، كما يلي:
الصفار الفسيولوجي (Physiological Jaundice)
- السبب: يحدث بشكل طبيعي نتيجة عدم نضج الكبد لدى الطفل، مما يؤدي إلى بطء في التخلص من البيليروبين.
- وقت الظهور: يظهر عادةً بعد يومين إلى ثلاثة أيام من الولادة.
- درجة الصفار: يكون خفيفًا إلى متوسط، وعادةً لا يتجاوز مستوى 15 ملغ/ديسيلتر في الدم.
- العلاج : يمكن علاج صفار الأطفال في البيت إذا كان فسيولوجيا حيث أنه يختفي بشكل تدريجي خلال أسبوع إلى 10 أيام دون الحاجة إلى علاج طبي، فقط من خلال الرضاعة الطبيعية وأحيانًا التعرض لأشعة الشمس غير المباشرة.
الصفار المرضي (Pathological Jaundice)
- السبب: يحدث بسبب مشاكل صحية مثل عدم توافق فصائل الدم بين الأم والطفل، العدوى، أمراض الكبد، أو نقص إنزيمات معينة.
- وقت الظهور: يظهر خلال أول 24 ساعة من الولادة و يستمر لفترة أطول من المعتاد.
- درجة الصفار: يكون شديدًا وقد يتجاوز 15-20 ملغ/ديسيلتر، مما قد يؤثر على الدماغ ويسبب مضاعفات مثل اليرقان النووي (kernicterus) .
- العلاج: لا يمكن علاج صفار الأطفال في البيت إذا كان من النوع المرضي حيث إنه يحتاج إلى علاج ضوئي مكثف أو تبادل دم في الحالات الشديدة مما يستلزم عناية طبية.
كيف تميز بينهما؟
يمكن التمميز بين الصفار الفسيولوجي والصفار المرضي كالتالي :
إذا كان الصفار خفيفًا، و ظهر بعد اليوم الثاني من الولادة، و اختفي دون علاج فهو غالبًا فسيولوجي.
أما إذا ظهر خلال أول 24 ساعة من الولادة، وكان شديدًا، أو استمر لأكثر من أسبوعين فهو غالبًا مرضي ويحتاج إلى استشارة طبية.
علاج صفار الأطفال في البيت
في الحالات الطبيعية، يمكن علاج صفار الأطفال في البيت من خلال بعض الطرق البسيطة، ومنها:
- الرضاعة الطبيعية المتكررة: تساعد الرضاعة الطبيعية في التخلص من البيليروبين من خلال تحفيز حركة الأمعاء وإخراجه مع البراز. لذا، يجب إرضاع الطفل كل ساعتين إلى ثلاث ساعات، سواء رضاعة طبيعية أو صناعية، لضمان ترطيبه وتحفيز عملية الإخراج.لذلك من المهم معرفة الكمية التي يحتاجها الطفل من الرضاعة لتلبية إحتياجه.
- استخدام الحليب الصناعي عند الحاجة: إذا كان الطفل يعاني من صفار الرضاعة الطبيعية وتأخر في التخلص منه، فقد يوصي الطبيب بإعطائه بعض الوجبات من الحليب الصناعي لتسريع التخلص من البيليروبين.
- زيادة ترطيب الطفل: تأكدي من أن الطفل يحصل على كمية كافية من السوائل، سواء من خلال الرضاعة الطبيعية أو الصناعية، لأن الجفاف قد يؤدي إلى تفاقم الصفار.
- تعريض الطفل لأشعة الشمس: تعريض الطفل لأشعة الشمس غير المباشرة لمدة 10-15 دقيقة مرتين يوميًا يمكن أن يساعد في تقليل نسبة البيليروبين. يُفضل وضع الطفل في مكان به إضاءة طبيعية دون تعريضه مباشرة لأشعة الشمس الحارقة لتجنب الحروق.
طرق منزلية غير مثبتة علميًا يجب تجنبها عند علاج صفار الأطفال في البيت
هناك بعض الممارسات التقليدية التي يُعتقد أنها تعالج الصفار، لكنها غير مدعومة علميًا ويمكن أن تتسبب في أضرار للطفل ، مثل:
- إعطاء الطفل الماء والسكر: لا يوجد دليل علمي يثبت فاعلية هذه الطريقة، وقد تؤدي إلى مشكلات في تغذية الطفل.
- استخدام الأعشاب مثل الينسون أو الكمون: لا يُنصح بإعطاء حديثي الولادة أي أعشاب دون استشارة الطبيب.
- دهن جسم الطفل بمستحضرات عشبية: لم تثبت فعالية هذه الطرق، وقد تسبب تهيجًا في الجلد.
متى يكون من الخطورة علاج صفار الأطفال في البيت؟
يجب التوقف عن علاج صفار الأطفال في البيت و استشارة الطبيب إذا ظهرت الأعراض التالية:
- استمرار الصفار لأكثر من أسبوعين. أو زيادة الاصفرار وانتشاره إلى القدمين واليدين.
- خمول الطفل ونومه المفرط.
- ضعف الرضاعة أو فقدان الوزن الملحوظ.
- تغير لون البول إلى الأصفر الداكن أو لون البراز إلى الأبيض أو الرمادي.
إذا لاحظتِ أيًا من هذه الأعراض، فمن الضروري مراجعة الطبيب فورًا.
ما هو العلاج الطبي لصفار الأطفال ؟
إذا لم تتحسن حالة الطفل خلال أسبوعين أو زادت نسبة البيليروبين، فقد يتطلب الأمر تدخلًا طبيًا مثل:
- العلاج الضوئي (Photo-therapy): يعتبر العلاج الأكثر شيوعًا، حيث يتم تعريض الطفل لنوع خاص من الضوء يساعد في تفكيك البيليروبين ليتم التخلص منه عبر البول والبراز. يتم استخدام ضوء أزرق خاص (وليس ضوء الشمس العادي)، ويُوضع الطفل عاريًا مع حماية عينيه.
- تبديل الدم (Exchange Transfusion): يُستخدم في حالات الصفار الشديدة جدًا، حيث يتم استبدال دم الطفل بدم متبرع مطابق لإزالة البيليروبين الزائد بسرعة. يُستخدم عادة في حالات عدم توافق الدم بين الأم والطفل أو في حال فشل العلاج الضوئي.
- العلاج بالأجسام المضادة الوريدية (IVIG): يُستخدم في حالة إذا كان الصفار ناتجًا عن عدم توافق فصيلة الدم (مثل عدم توافق RH أو ABO). يساعد في تقليل تكسّر خلايا الدم الحمراء، مما يقلل من إنتاج البيليروبين.
- العلاج بالأدوية: في بعض الحالات، قد تُستخدم أدوية مثل الفينوباربيتال (Phenobarbital) لتقليل إنتاج البيليروبين، لكن هذا ليس شائعًا.
الخاتمة
تكون معظم حالات صفار الأطفال بسيطة وتختفي تلقائيًا مع الرعاية الجيدة في المنزل. من خلال الالتزام بالرضاعة المنتظمة، وتعريض الطفل لضوء الشمس غير المباشر، وضمان ترطيبه الجيد، يمكن مساعدة الطفل على التخلص من الصفار بسرعة. ولكن إذا استمرت الأعراض أو تفاقمت، يجب استشارة الطبيب على الفور للتأكد من عدم وجود أي مضاعفات.