الإنتصاب في الصباح
الإنتصاب في الصباح هو ظاهرة فسيولوجية طبيعية تحدث للرجال خلال مرحلة النوم أو عند الاستيقاظ، ويُعرف طبيًا باسم انتصاب الصباح . كثير من الرجال يلاحظون حدوثه في الصباح، ويعتبر هذا الانتصاب من المؤشرات الصحية الهامة على كفاءة الجهاز التناسلي والوظيفة الجنسية، وكذلك على الصحة العامة للجهاز العصبي والدورة الدموية.
في هذه المقالة، نستعرض بشكل مفصل أسباب الإنتصاب في الصباح، آليته، علاقته بالصحة الجسدية والنفسية، الحالات التي قد تدعو للقلق عند غيابه أو تغير نمطه، ودوره في تشخيص حالات الضعف الجنسي.
الإنتصاب في الصباح
الإنتصاب في الصباح (Morning Erection) هو انتصاب غير مرتبط بالإثارة الجنسية أو التحفيز الجنسي المباشر، بل يحدث بشكل لا إرادي أثناء النوم، خصوصًا خلال مراحل النوم المعروفة باسم حركة العين السريعة (REM sleep). يمكن أن يحدث هذا الانتصاب عدة مرات أثناء الليل، لكن يلاحظه الرجل غالبًا عند الاستيقاظ بسبب تزامنه مع نهاية دورة النوم.
تشير الدراسات إلى أن الرجل السليم قد يختبر من 3 إلى 5 مرات من الانتصاب أثناء الليل، ويستمر كل منها من 20 إلى 40 دقيقة تقريبًا. ومع التقدم في العمر، قد تقل المدة أو التكرار، لكن وجود بعض الانتصابات أثناء النوم يظل أمرًا طبيعيًا حتى في الشيخوخة.
آلية حدوث الإنتصاب في الصباح
الانتصاب بشكل عام هو نتيجة لتوسع الأوعية الدموية وزيادة تدفق الدم داخل أنسجة القضيب الإسفنجية (Corpora Cavernosa)، مما يؤدي إلى امتلائها بالدم وتصلب العضو الذكري.
أما الإنتصاب في الصباح، فيحدث نتيجة لتفاعلات عصبية معقدة بين الجهاز العصبي المركزي والمحيطي، وتحديدًا:
1. خلال نوم حركة العين السريعة (REM): يكون الجسم في حالة ارتخاء عضلي تام، بينما ينشط الدماغ في أحلام مكثفة.
2. انخفاض النشاط الأدرينالي: يقل إفراز الأدرينالين في هذا الطور، وهو هرمون يثبط الانتصاب، ما يسمح بحدوثه.
3. تحفيز المراكز الجنسية في الدماغ: أثناء الحلم أو بفعل نشاط الدماغ الليلي، قد يُحفَّز الانتصاب.
4. امتلاء المثانة: يُعتقد أن امتلاء المثانة بالبول قد يحفز الأعصاب في المنطقة العجزية، مما يؤدي إلى الانتصاب.
هل الإنتصاب في الصباح يعني صحة جنسية جيدة؟
نعم، غالبًا ما يعتبر وجود الإنتصاب في الصباح مؤشرًا إيجابيًا على سلامة كل من:
- الدورة الدموية.
- الأعصاب التي تتحكم في الانتصاب.
- توازن الهرمونات، خاصة التستوستيرون.
- عدم وجود أمراض عضوية مزمنة تؤثر على الانتصاب.
لذلك، في حالات الشك في الضعف الجنسي العضوي، يُسأل المريض غالبًا: “هل تستيقظ صباحًا مع انتصاب؟” لأن غياب الإنتصاب في الصباح يمكن أن يشير إلى سبب عضوي وليس نفسي.
الفرق بين الضعف الجنسي النفسي والعضوي
الإنتصاب في الصباح له دور هام جداً في التفريق بين الضعف الجنسي النفسي والعضوي. كالتالي:
الضعف الجنسي النفسي: عادة ما يحتفظ المريض بالانتصاب الصباحي، لكنه يعاني من صعوبة في الانتصاب أثناء العلاقة بسبب القلق، التوتر، أو مشاكل في العلاقة.
الضعف الجنسي العضوي: يغيب الانتصاب الصباحي أو يصبح ضعيفًا، ويُصاحب أحيانًا أمراضًا مثل السكري، أمراض القلب، أو اعتلال الأعصاب.
تغيرات الانتصاب الصباحي مع التقدم في العمر
مع التقدم في العمر، تبدأ بعض التغيرات الطبيعية في الحدوث، منها:
- انخفاض مستويات التستوستيرون.
- تراجع في عدد مرات نوم حركة العين السريعة.
- ضعف الدورة الدموية.
- مشاكل في الأعصاب.
لذلك، لا يعني غياب الانتصاب الصباحي من حين لآخر وجود مشكلة، خاصة بعد سن الأربعين، ولكن التغير الملحوظ أو المستمر يستحق الفحص الطبي.
متى يكون غياب الانتصاب الصباحي مقلقًا؟
إذا لاحظ الرجل غيابًا تامًا أو متكررًا للانتصاب الصباحي لأكثر من عدة أسابيع متتالية، فقد يكون من المهم مراجعة الطبيب، خصوصًا إذا رافق ذلك:
- ضعف أو انعدام الانتصاب أثناء العلاقة الجنسية.
- وجود أمراض مزمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
- تناول أدوية تؤثر على الانتصاب (مثل مضادات الاكتئاب).
- الشعور بأعراض اكتئابية أو تغيرات في المزاج.
عوامل تؤثر على الانتصاب الصباحي
التوتر والقلق:
الحالة النفسية تؤثر على النوم بشكل مباشر، وقد تقلل من جودة النوم ومرحلة REM، وبالتالي تؤثر على حدوث الانتصاب.
نوعية النوم:
الحرمان من النوم، توقف التنفس أثناء النوم، أو اضطرابات النوم الأخرى تؤدي إلى تقليل فرص حدوث الانتصاب الصباحي.
الأدوية:
بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب، أدوية ارتفاع الضغط، والمنومات تؤثر سلبًا على الانتصاب الليلي.
المخدرات والكحول:
تعاطي الكحول والمخدرات مثل الكوكايين أو الحشيش يمكن أن يثبط الانتصاب بشكل عام، ويقلل من الانتصاب الصباحي.
الأمراض المزمنة:
مثل السكري، أمراض القلب، اضطرابات الغدة الدرقية، ومتلازمة التمثيل الغذائي.
دور التستوستيرون في الانتصاب الصباحي
هرمون التستوستيرون يلعب دورًا حاسمًا في القدرة الجنسية، ويبلغ ذروته في الصباح، خصوصًا بين الساعة 6 و8 صباحًا، ما يفسر توقيت حدوث الانتصاب غالبًا عند الاستيقاظ. نقص التستوستيرون، سواء بسبب العمر أو اضطرابات هرمونية، يؤدي إلى غياب الانتصاب الصباحي أو ضعفه.
الفحوصات المقترحة في حالة غياب الانتصاب الصباحي
إذا استمر غياب الانتصاب الصباحي، فقد يقترح الطبيب بعض الفحوصات مثل:
- مستوى التستوستيرون الكلي والحُر.
- اختبار النوم الليلي (Nocturnal Penile Tumescence Test) لقياس حدوث الانتصاب أثناء النوم.
- قياس سكر الدم والدهون الثلاثية.
- فحوصات الأعصاب الطرفية.
هل يجب علاج غياب الانتصاب الصباحي؟
الهدف ليس علاج “الانتصاب الصباحي” بحد ذاته، بل معالجة السبب المؤدي لغيابه، سواء كان نفسيًا أو عضويًا. وقد يشمل العلاج:
- تحسين نمط الحياة والنوم.
- التوقف عن التدخين أو الكحول.
- تعديل الأدوية المؤثرة إن أمكن.
- العلاج بالهرمونات (إذا ثبت وجود نقص).
- العلاج النفسي أو الدوائي في حالات الضعف الجنسي.
الخلاصة
الانتصاب الصباحي ظاهرة طبيعية ومؤشر صحي مهم لوظيفة الانتصاب. تكراره يدل غالبًا على صحة جنسية جيدة، وغيابه قد يشير إلى وجود مشكلة تحتاج إلى تقييم شامل. ومن المهم عدم القلق من الغياب العرضي له، لكن في حال الغياب المستمر أو ترافقه مع أعراض أخرى، يجب استشارة الطبيب لتحديد السبب وعلاجه.
العناية بالصحة العامة، والنوم الجيد، وتجنب العوامل المؤثرة سلبًا، من أهم خطوات الحفاظ على وظيفة جنسية طبيعية، بما في ذلك الانتصاب الصباحي.