وسائل منع الحمل
في عصر تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت وسائل منع الحمل” Methods Of Contraception” من أهم الوسائل لتحقيق التوازن بين الصحة الإنجابية، والتخطيط الأسري، وجودة الحياة للزوجين. مع التنوع الكبير في وسائل منع الحمل، تزداد الحاجة إلى الوعي التفصيلي بكل نوع، ومتى يكون مناسبًا، وما هي مزاياه ومخاطره. في هذا المقال، نستعرض بشكل تفصيلي أنواع وسائل منع الحمل المختلفة، مدى فعاليتها، آلية عملها، ومتى يُنصح باستخدام كل منها.
وسائل منع الحمل الهرمونية
تعتمد هذه الوسائل على تأثير الهرمونات الاصطناعية (الإستروجين والبروجيستين) في منع التبويض، وتغيير بيئة الرحم وعنق الرحم لتقليل فرصة حدوث الحمل.
حبوب منع الحمل المركبة (Combined Oral Contraceptives)
آلية العمل:
-
- تثبيط التبويض.
- زيادة لزوجة مخاط عنق الرحم، ما يمنع مرور الحيوانات المنوية.
- تقليل سمك بطانة الرحم، مما يمنع انغراس البويضة.
الأنواع:
-
- شهرية (21 يومًا من الحبوب و7 أيام راحة).
- حبوب بدون توقف (28 قرصًا: 21 فعالة + 7 بلا هرمونات).
المزايا:
-
- تقليل أعراض متلازمة ما قبل الطمث.
- تحسين حب الشباب لدى بعض النساء.
- تقليل خطر الإصابة بتكيس المبايض وسرطان الرحم.
الآثار الجانبية الشائعة:
-
- غثيان، نزيف بين الدورات، تغيرات مزاجية.
- في حالات نادرة: تجلطات دموية، خاصة مع التدخين.
موانع الاستخدام:
-
- مرضى الكبد.
- وجود تاريخ مرضى لحدوث جلطات سابقة.
- الإصابة بسرطان الثدي أو وجود تاريخ عائلي للإصابة به.
- التدخين بعد سن 35.
الحبوب أحادية الهرمون (حبوب البروجستيرون فقط)
-
- مثالية للمرضعات ولمن لديهن موانع لاستخدام الإستروجين.
- تتطلب دقة في توقيت التناول (نفس الوقت يوميًا بفارق لا يتجاوز 3 ساعات).
- أكثر عرضة لفشل الاستخدام عند التأخير.
الحقن الهرمونية (مثل ديبو-بروفيرا)
تحتوي على بروجيستين يُحقن كل 12 أسبوعًا.
مزاياها:
-
- لا تتطلب تذكيرًا يوميًا.
- تقلل من أعراض الدورة الشهرية.
عيوبها:
-
- زيادة الوزن.
- تأخر عودة الخصوبة من 6 أشهر إلى سنة بعد التوقف.
- احتمالية ترقق العظام مع الاستخدام الطويل.
اللزقات الجلدية (Contraceptive Patch)
-
- تُلصق على الجلد مرة أسبوعيًا لمدة 3 أسابيع ثم أسبوع راحة.
- تحتوي على نفس هرمونات الحبوب.
- سهلة الاستخدام لكن قد تسبب تهيجًا جلديًا أو عدم ثبات في درجات الحرارة العالية.
الحلقة المهبلية (NuvaRing)
-
- تُوضع داخل المهبل لمدة 3 أسابيع وتُزال لأسبوع.
- تطلق الهرمونات تدريجيًا.
- لا تُشعر بها السيدة أثناء الجماع في الغالب.
وسائل منع الحمل غير الهرمونية
هذه الوسائل لا تحتوي على هرمونات، مما يجعلها خيارًا مناسبًا للنساء اللواتي يعانين من مشاكل صحية تمنع استخدام الهرمونات. مثل اللولب الرحمي (Intrauterine Device – IUD)، واللولب النحاسي (Copper IUD).
-
- آلية العمل: يطلق النحاس داخل الرحم مما يؤدي إلى خلق بيئة سامة للحيوانات المنوية والبويضات.
- المدة: حتى 10 سنوات.
- المزايا: خالٍ من الهرمونات، طويل المدى ويمكن إزالته في أي وقت.
- العيوب: قد يسبب غزارة دم الطمث في الأشهر الأولى، وتقلصات رحمية أكثر حدة.
هناك نوع من اللولب يُعرف باللولب الهرموني (Mirena، Kyleena)، حيث يفرز بروجيستين موضعيًا، مما يقلل من النزيف وسمك بطانة الرحم. تتراوح المدة من 3-7 سنوات حسب النوع. يقلل من آلام الدورة وقد يوقفها تمامًا لدى بعض النساء.
وسائل منع الحمل الحاجزة
وسائل تمنع التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، وعادةً ما تُستخدم قبل أو أثناء الجماع مباشرة.
-
- الواقي الذكري: الأكثر شيوعًا. ومن مزاياه أنه يحمي من الأمراض المنقولة جنسيًا، ولا يحتاج وصفة طبية. ومن عيوبه: إمكانية حدوث تمزق أو انزلاق أثناء الاستخدام.
- الواقي الأنثوي: يُوضع داخل المهبل قبل الجماع. يعطي المرأة تحكمًا أكبر في الحماية. لكنه أقل شيوعًا وصعب التوفر في بعض الأسواق.
- الحاجز المهبلي (Diaphragm) والكاب (Cervical Cap): يجب تركيبه داخل المهبل قبل الجماع واستخدامه مع مبيد نطاف. يتطلب تدريبًا من الطبيب.كما أن فعاليته أقل من الوسائل الأخرى.
وسائل منع الحمل الدائمة
وسائل غير قابلة للتراجع غالبًا، وتُستخدم عند الاكتفاء بعدد الأطفال.
-
- ربط قنوات فالوب (Tubal Ligation): هي جراحة تُجرى للنساء لمنع مرور البويضة إلى الرحم. فعالة بنسبة تزيد عن 99%. قد تُجرى أثناء الولادة القيصرية أو بعدها.
- قطع القناة الدافقة عند الرجال (Vasectomy): تمنع خروج الحيوانات المنوية مع السائل المنوي. لا تؤثر على القدرة الجنسية أو الانتصاب، وتتطلب تحليلًا بعد الجراحة للتأكد من نجاحها.
وسائل منع الحمل الطبيعية
تعتمد على الوعي بدورة الخصوبة وتجنب الجماع في الأيام القابلة للحمل.
-
- طريقة العدّ (Calendar Method): تعتمد على تتبع أيام التبويض وتجنب الجماع خلالها. فعاليتها منخفضة (حوالي 75% فقط).
- قياس درجة الحرارة القاعدية: يتم تسجيل درجة الحرارة كل صباح، وارتفاعها الطفيف يدل على حدوث التبويض. تتطلب دقة وانضباطًا عاليين.
- مراقبة إفرازات عنق الرحم: التغير في قوام ولون المخاط قد يشير إلى التبويض.
- طريقة الانسحاب (Withdrawal): تشمل سحب العضو الذكري قبل القذف. غير فعالة تمامًا بسبب احتمالية وجود حيوانات منوية في السائل المسبق.
أفضل وسائل منع الحمل: اختيار الأنسب لظروفك الشخصية
يطمح الكثيرون إلى معرفة الوسيلة المثلى لمنع الحمل لتفادي الحمل غير المخطط له، ومع ذلك فإن الإجابة ليست بتلك البساطة؛ فلا توجد طريقة واحدة تناسب الجميع بنفس القدر. فالاختيار الأمثل لوسيلة منع الحمل يعتمد على خصوصية كل حالة وظروف الفرد الصحية والاجتماعية. يُوصى بإجراء حوار مفتوح بين الزوجين والأخصائي الطبي لمناقشة النقاط التالية قبل اتخاذ قرار اختيار الوسيلة المناسبة:
-
- خطة الإنجاب: تحديد المدة الزمنية التي يرغب الزوجان في تأخير الحمل أو تحقيقه، ومدى توافق الوسيلة مع هذه الخطة.
- التاريخ الصحي: مراجعة التاريخ المرضي للمرأة، خاصة فيما يتعلق بالحمل والولادة.
- الحالة الصحية العامة: أخذ الحالة الصحية الكاملة في الاعتبار، ومدى تأثرها باختيار وسيلة معينة لمنع الحمل.
- التفضيلات الشخصية: مراعاة الراحة والقبول الشخصي للوسيلة، حيث يُفضل اختيار طريقة تتناسب مع نمط الحياة.
- الفعالية والآثار الجانبية: تقييم معدل فعالية كل وسيلة وكذلك الأضرار أو الآثار الجانبية المحتملة.
- سهولة الاستخدام والالتزام: النظر في مدى سهولة التطبيق اليومي أو الدوري للوسيلة ومدى التزام المستخدمين بها.
- التكلفة المادية: أخذ الجوانب المالية في الاعتبار بما يتناسب مع الميزانية الشخصية.
- الحماية من العدوى: الحاجة إلى الحماية من الأمراض المنقولة جنسيًا قد تؤثر أيضًا على اختيار الطريقة المثلى.
تعتمد وسيلة منع الحمل الأنسب على تقييم دقيق لهذه العوامل مع استشارة الطبيب المختص لضمان اختيار الخيار الذي يلبي احتياجات كل فرد بطريقة آمنة وفعالة.
نصائح عامة قبل اختيار وسيلة منع الحمل
إليكِ بعض النصائح العامة والتي قد تفيدك قبل اختيار وسيلة منع الحمل كما يلي:
-
- استشيري طبيب النساء لفحص الحالة الصحية وموانع الاستخدام.
- اسألي نفسك:
- هل أريد الحمل مستقبلاً؟
- هل أستطيع التذكر اليومي لتناول الحبوب؟
- هل أعاني من أمراض مزمنة مثل الضغط أو السكر؟
- هل الرضاعة الطبيعية مستمرة؟
- لا تنسي فحص الأمراض المنقولة جنسيًا عند استخدام وسائل لا تحمي من العدوى.
الخلاصة
تُعد وسائل منع الحمل أداة قوية تمنح المرأة والعائلة حرية القرار وتحقيق الأمان الصحي والاجتماعي. الفهم العميق للخيارات المتاحة واستخدام الوسيلة المناسبة لكل مرحلة من الحياة يضمن تحقيق أفضل النتائج بأقل آثار ممكنة. لا تترددي في استشارة طبيبك ومراجعة الوسيلة كل فترة حسب تطورات حالتك الصحية والزوجية.