نزلات البرد عند البالغين
نزلات البرد (Common Cold) هي واحدة من أكثر الأمراض شيوعًا التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي، وتؤثر بشكل خاص على البالغين في مختلف الأعمار. تعتبر هذه الحالة الفيروسية مصدر إزعاج كبير، حيث تتسبب في أعراض مزعجة مثل السعال، الزكام، احتقان الأنف، والتهاب الحلق. ورغم أنها عادة ما تكون خفيفة وتزول تلقائيًا خلال أيام قليلة، إلا أن نزلات البرد قد تؤثر على جودة الحياة اليومية، خاصة إذا تزامنت مع التزامات العمل أو الدراسة.
في هذه المقالة، سنناقش أسباب نزلات البرد، العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بها، وطرق الوقاية والعلاج الفعّال، مع التركيز على أهمية تقوية الجهاز المناعي لتقليل التعرض لهذه الحالة المتكررة.
ما هي أسباب الإصابة بنزلات البرد عند البالغين؟
أسباب نزلات البرد عند البالغين ترجع إلى الإصابة بفيروسات تؤثر على الجهاز التنفسي العلوي. هناك أكثر من 200 نوع من الفيروسات التي يمكن أن تسبب نزلات البرد، ومن أبرزها:
-
- الفيروسات الأنفية (Rhinoviruses): تمثل حوالي 50% من حالات نزلات البرد.
- فيروسات كورونا (غير المرتبطة بـ COVID-19).
- الفيروسات المخلوي التنفسي (RSV).
- الفيروسات الباراإنفلونزا.
- الفيروسات الأدينووية (Adenoviruses).
نزلات البرد ليست ناتجة عن البكتيريا، لذا لا تُستخدم المضادات الحيوية لعلاجها إلا في حالة حدوث مضاعفات بكتيرية مثل التهاب الجيوب الأنفية أو التهاب الأذن الوسطى وتحت إشراف طبي.
ما هي عوامل خطر الإصابة بنزلات البرد؟
من العوامل التي تساهم في حدوث نزلات البرد عند البالغين ما يلي:
التعرض المباشر للفيروسات
-
- من خلال الرذاذ الناتج عن العطس أو السعال.
- ملامسة الأسطح الملوثة بالفيروسات (مثل مقابض الأبواب أو الهواتف) ثم لمس الأنف أو الفم.
ضعف الجهاز المناعي
-
- الإجهاد المزمن: قد يحدث ضعف الجهاز المناعي نتيجة الإجهاد المزمن، حيث أن الإجهاد يرفع مستويات الكورتيزول، مما يضعف المناعة.
- سوء التغذية: نقص الفيتامينات (مثل فيتامين C، D، والزنك) يضعف المناعة.
- قلة النوم: النوم غير الكافي يقلل من إنتاج الخلايا المناعية.
- الأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض المناعة الذاتية.
- التدخين والكحول: يقللان من كفاءة الجهاز المناعي.
التعرض لبيئة مزدحمة
-
- الأماكن المغلقة مثل المكاتب أو وسائل النقل العامة.
- المدارس أو المستشفيات.
- الأسواق والمجمعات التجارية.
- المناسبات الاجتماعية والدينية: مثل الأعراس أو الحفلات الكبيرة أو المساجد والكنائس.
التغيرات المناخية
-
- زيادة انتشار الفيروسات في فصول البرد بسبب ميول الناس إلى البقاء في الأماكن المغلقة وقلة التهوية، مما يزيد من فرص انتقال العدوى.
- التدخين أو التعرض للدخان: يُضعف الأغشية المخاطية في الجهاز التنفسي.
- الرطوبة المنخفضة: الجو البارد والجاف يجفف الأغشية المخاطية في الأنف، مما يسهل دخول الفيروسات.
- البرودة تقلل من تدفق الدم إلى الأنف والحلق، مما يضعف الدفاعات الطبيعية ضد الفيروسات، كما أن الفيروسات، خاصة الفيروسات الأنفية (Rhinoviruses)، تنشط أكثر في درجات الحرارة الباردة.
الحساسية المزمنة أو أمراض الجهاز التنفسي
تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد.
ما هي طرق انتقال عدوى نزلات البرد بين البالغين؟
تنتقل عدوى نزلات البرد بين البالغين عبر عدة طرق، أهمها:
-
- الرذاذ التنفسي: ينتقل الفيروس عند السعال أو العطس أو التحدث من الشخص المصاب، حيث ينتشر الرذاذ المحمل بالفيروسات في الهواء ويستنشقها الشخص السليم.
- الاتصال المباشر: المصافحة مع شخص مصاب ثم لمس الوجه (الأنف، الفم، أو العينين) قد ينقل الفيروس.
- الأسطح الملوثة: لمس الأسطح الملوثة بالفيروس (مثل مقابض الأبواب، الهواتف، أو الطاولات) ثم لمس الوجه يمكن أن يؤدي إلى انتقال العدوى.
- التواجد في أماكن مزدحمة: الأماكن المغلقة والمزدحمة تزيد من فرصة انتقال الفيروس عبر الهواء أو الأسطح.
أعراض نزلات البرد عند البالغين
أعراض نزلات البرد عند البالغين تشمل:
-
- احتقان الأنف: انسداد أو سيلان الأنف.
- العطس: متكرر بسبب تهيج الأغشية المخاطية.
- السعال: قد يكون جافاً أو مصحوباً بالبلغم.
- التهاب الحلق: شعور بالخشونة أو الألم عند البلع.
- الشعور بالإرهاق: تعب عام وضعف في الجسم.
- الصداع: خفيف إلى متوسط نتيجة الاحتقان.
- دموع أو حكة في العينين: بسبب احتقان الجيوب الأنفية.
- ارتفاع طفيف في درجة الحرارة: عادةً لا يتجاوز 38 درجة مئوية.
- آلام في العضلات والمفاصل: شعور عام بالانزعاج الجسدي.
تستمر الأعراض عادة من 7 إلى 10 أيام، وتتحسن تدريجياً مع الراحة وتناول السوائل الدافئة. إذا استمرت الأعراض لفترة أطول أو تفاقمت، يُفضل استشارة الطبيب.
مضاعفات الإصابة بنزلات البرد
نزلات البرد لدى البالغين عادةً ما تكون غير خطيرة، ولكن في بعض الحالات قد تؤدي إلى مضاعفات، خاصةً إذا كان الشخص يعاني من ضعف في جهاز المناعة أو من أمراض مزمنة. ومن أبرز المضاعفات المحتملة:
-
- التهاب الأذن الوسطى: قد تنتقل العدوى إلى الأذن الوسطى، مما يسبب التهابًا وألمًا في الأذن.
- التهاب الجيوب الأنفية: عندما تصاب الجيوب الأنفية بالعدوى نتيجة نزلات البرد، قد يحدث التهاب في الجيوب الأنفية مع أعراض مثل الصداع والشعور بالضغط في الوجه.
- التهاب الحلق البكتيري: أحيانًا، يمكن أن يؤدي البرد إلى التهابات بكتيرية في الحلق، مثل التهاب اللوزتين.
- التهاب الشعب الهوائية: قد يتسبب البرد في التهاب الشعب الهوائية، مما يؤدي إلى سعال مزمن وصعوبة في التنفس.
- التهاب الرئة (الالتهاب الرئوي): إذا انتشرت العدوى إلى الرئتين، فقد تؤدي إلى التهاب رئوي، وهو حالة خطيرة.
- تفاقم الأمراض المزمنة: مثل الربو أو أمراض القلب، حيث يمكن أن تؤدي نزلات البرد إلى زيادة الأعراض أو تفاقم الحالة.
لذا، إذا استمرت أعراض نزلات البرد لمدة طويلة أو كانت شديدة، يُفضل استشارة الطبيب لتجنب حدوث هذه المضاعفات.
علاج نزلات البرد عند البالغين
علاج نزلات البرد عند البالغين يعتمد بشكل أساسي على تخفيف الأعراض، حيث لا يوجد علاج يقضي على الفيروس مباشرة. إليك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد في التخفيف من الأعراض:
-
- الراحة: من المهم أن يحصل الجسم على قسط كافٍ من الراحة لتعزيز جهاز المناعة.
- شرب السوائل الدافئة: تناول الماء، والشوربات الدافئة، يساعد في تجنب الجفاف ويسهل من طرد المخاط.
- الأدوية المسكنة: مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والحمى.
- مضادات الاحتقان: مثل الأدوية التي تحتوي على السودوإيفيدرين لتخفيف انسداد الأنف.
- استنشاق البخار: يمكن استخدام البخار الدافئ لتخفيف احتقان الأنف.
- غرغرة بالماء المالح: لتخفيف التهاب الحلق.
- العسل والليمون: يمكن أن يساعد العسل في تهدئة الحلق والحد من السعال.
- تجنب المحفزات: ابتعد عن الأماكن المزدحمة والدخان.
- تقوية الجهاز المناعي: من خلال تناول طعام صحي يحتوي على الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين C والزنك والتي توجد في الفواكه الحمضية مثل البرتقال، الليمون أو الفراولة.
تنويه هام:
-
- تجنب استخدام مضادات الاحتقان الأنفي لفترات طويلة (أكثر من 3-5 أيام)، حيث يمكن أن تسبب ما يُسمى احتقان الأدوية العكسي (rebound congestion) عند استخدامها لفترة طويلة، مما قد يزيد من أعراض الاحتقان.
- كما يجب استشارة الطبيب قبل استخدام مضادات الاحتقان الأنفي، خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب.
- إذا استمرت الأعراض لفترة طويلة أو كانت شديدة، يفضل استشارة الطبيب للتأكد من عدم وجود عدوى أخرى أو مضاعفات.
- نزلات البرد ليست ناتجة عن البكتيريا، لذا لا تُستخدم المضادات الحيوية لعلاجها إلا في حالة حدوث مضاعفات بكتيرية مثل التهاب الجيوب الأنفية أو التهاب الأذن الوسطى وتحت إشراف طبي.
متى يجب التوجه إلى الطبيب؟
يجب التوجه إلى الطبيب في حالة نزلات البرد عند البالغين إذا ظهرت أي من الأعراض التالية:
-
- صعوبة في التنفس أو ضيق في التنفس.
- ألم في الصدر أو الشعور بضغط مستمر.
- حمى مرتفعة (أعلى من 39 درجة مئوية) تستمر لأكثر من 3 أيام.
- سعال شديد أو مستمر لا يتحسن أو يزداد سوءًا.
- أعراض شديدة أو غير عادية مثل الدوار أو فقدان الوعي.
- ألم شديد في الحلق أو صعوبة في البلع.
- ظهور أعراض جديدة بعد تحسن الأعراض الأولية.
- إذا كان الشخص يعاني من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب أو السكري أو ضعف في الجهاز المناعي.
إذا كانت الأعراض خفيفة، يمكن عادةً التعامل معها في المنزل، ولكن إذا كانت هناك أي شكوك أو أعراض غير طبيعية، يجب استشارة الطبيب.
نصائح للوقاية من الإصابة بنزلات البرد
للوقاية من الإصابة بنزلات البرد عند البالغين، يمكن اتباع بعض الإجراءات التي تقلل من خطر الإصابة:
-
- غسل اليدين بانتظام: يعتبر غسل اليدين بالماء والصابون بشكل متكرر من أهم الطرق للوقاية من الفيروسات.
- تجنب ملامسة الأنف والعينين والفم: لأن الفيروسات قد تنتقل عن طريق اللمس.
- تقوية الجهاز المناعي: من خلال تناول طعام صحي يحتوي على الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين C والزنك.
- الحفاظ على التهوية الجيدة في الأماكن المغلقة: للحد من انتشار الفيروسات.
- تجنب الاحتكاك مع المصابين: خاصة في الأماكن المزدحمة أو في فترات تفشي المرض.
- الراحة والنوم الكافي: يساعد النوم الجيد على تعزيز قدرة الجسم على مقاومة العدوى.
- ممارسة الرياضة بانتظام: لتعزيز الصحة العامة وتقوية المناعة.
- استخدام معقم اليدين: في حال عدم توفر الماء والصابون.
اتباع هذه الإجراءات يمكن أن يساعد في تقليل فرص الإصابة بنزلات البرد.