الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار
الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار يختلف حسب عمر المريض، حالة الخصية المعلقة، ووظيفة الخصية المقابلة. الخصية المعلقة (Cryptorchidism) هي حالة طبية شائعة في الأطفال الذكور، حيث لا تنزل إحدى الخصيتين أو كلتاهما إلى كيس الصفن عند الولادة. في معظم الحالات، يتم تشخيصها وعلاجها في مرحلة الطفولة المبكرة، لكن قد يحدث أحيانًا ألا تُعالج الحالة في سن مبكرة وتستمر إلى مرحلة البلوغ أو حتى بعده. في هذه الحالات، تُطرح أسئلة كثيرة حول الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار ومدى جدواها ومخاطرها، لا سيما بعد البلوغ، حيث تكون التغيرات الفسيولوجية والهرمونية قد أثرت بالفعل على وظيفة الخصية.
في هذا المقال، سنناقش بالتفصيل متى يكون الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار، وما هي الدواعي والتوصيات الطبية، إضافة إلى المخاطر المحتملة وتأثير التأخير على الخصوبة والصحة العامة.
ما هي الخصية المعلقة؟
قبل الحديث عن الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار، سنستعرض أولاً تعريف الخصية المعلقة وأنواعها. الخصية المعلقة هي عدم نزول إحدى الخصيتين أو كلتيهما من البطن إلى كيس الصفن أثناء التطور الجنيني. في الوضع الطبيعي، تبدأ الخصيتان في التطور داخل البطن، ثم تنتقلان تدريجيًا إلى كيس الصفن خلال الأشهر الأخيرة من الحمل. إذا لم تكتمل هذه العملية، تبقى الخصية في مكان أعلى، مثل القناة الإربية أو داخل البطن.
يوجد نوعان من الخصية المعلقة، كالآتي:
- خصية معلقة قابلة للإنزال (Palpable): يمكن تحسسها من خلال الفحص السريري، وغالبًا ما تكون في القناة الإربية.
- خصية غير قابلة للإنزال (Non-palpable): تكون داخل البطن أو غير موجودة (نتيجة ضمور أو انعدام التطور).
عندما لا تُشخص الخصية المعلقة في الطفولة أو يُهمل علاجها، تستمر الحالة إلى البلوغ، وقد تُكتشف عرضًا عند فحص روتيني أو بسبب أعراض مثل العقم أو ألم في البطن أو الصفن. في هذه المرحلة، تختلف أهداف العلاج وتوقيته مقارنة بالأطفال.
الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار. هذه العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار هي كالآتي:
- العمر: مع التقدم في العمر، تقل الفائدة الوظيفية للخصية المعلقة. الخصيتان بحاجة إلى درجة حرارة أقل من حرارة الجسم الطبيعي للعمل بشكل صحيح. الخصية التي تبقى في البطن لفترة طويلة قد تُصاب بضمور وتفقد وظيفتها في إنتاج الحيوانات المنوية.
- حالة الخصية: يتم تقييم الخصية بالموجات فوق الصوتية أو المنظار لتحديد ما إذا كانت الضامرة أو لا تزال سليمة نسبيًا. الخصية السليمة نسبيًا قد تُستفاد من إنزالها إلى الصفن للحفاظ على وظيفتها أو لأغراض تجميلية ونفسية.
- الخصوبة: إذا كانت الخصية السفلية الأخرى طبيعية وتعمل بشكل جيد، فإن التأثير على الخصوبة يكون محدودًا. أما إذا كانت الخصيتان معلقتين أو توجد مشكلات في الخصية الأخرى، تصبح الجراحة أكثر إلحاحًا.
- الاشتباه بالسرطان: الخصية المعلقة، خاصة تلك الموجودة في البطن، معرضة بنسبة أعلى لتطور سرطان الخصية. لذلك، حتى لو كانت الخصية الضامرة وغير قادرة على إنتاج الحيوانات المنوية، فقد يُوصى بإزالتها جراحيًا لتقليل خطر السرطان.
- الأعراض الجسدية أو النفسية: قد يعاني البعض من آلام متكررة أو قلق نفسي بسبب وجود خصية غير طبيعية الشكل أو المكان، مما يستدعي التدخل الجراحي.
التوصيات الجراحية و الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار
من 18 إلى 30 سنة
في هذه الفئة العمرية، إذا تم اكتشاف الخصية المعلقة وكانت غير ضامرة، يُفضل إنزالها جراحيًا (Orchidopexy). هذا يمكن أن يحسن الوظيفة التناسلية ويقلل من خطر الإصابة بسرطان الخصية. أما إذا كانت الخصية ضامرة، فيُوصى غالبًا بإزالتها (Orchidectomy) تجنبًا للمضاعفات.
من 30 إلى 50 سنة
إذا تم اكتشاف الخصية المعلقة في هذه المرحلة وكانت ضامرة أو غير وظيفية، يُرجح إجراء استئصال لها. في حال كانت سليمة وغير مسببة لأعراض، قد يُنصح بمراقبتها أو إجراء إنزال جراحي لأغراض تجميلية أو نفسية.
فوق 50 سنة
عادةً، يكون الخيار الأمثل هو الاستئصال خاصة إذا لم يكن هناك داعٍ وظيفي أو تجميلي واضح. الهدف الأساسي يصبح الوقاية من تطور السرطان، لا سيما وأن فرص تحسين الخصوبة تصبح معدومة تقريبًا في هذا العمر.
خطوات ما قبل الجراحة
اذا تم تحديد الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار، يتم إتخاذ خطوات معينة قبل الجراحة. كالتالي:
- الفحص السريري الكامل.
- إجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي.
- تحليل السائل المنوي لتقييم الخصوبة.
- استشارة طبيب الأورام في حال وجود اشتباه بسرطان.
- استشارة أخصائي الغدد الصماء إذا كانت هناك علامات اختلال هرموني.
أنواع التدخل الجراحي
يوجد نوعان من التدخل الجراحي يتم اللجوء إلى أحدهما حسب الحالة :
- عملية إنزال الخصية (Orchidopexy):
يتم خلالها إعادة الخصية إلى كيس الصفن وتثبيتها. تُستخدم في الحالات التي تكون فيها الخصية غير ضامرة. - استئصال الخصية (Orchidectomy):
يُجرى عند وجود ضمور أو اشتباه بالأورام. يمكن أن يتم إجرائها عن طريق الجراحة المفتوحة أو بالمنظار.
مضاعفات تأخير العملية
إذا تأخر إتخاذ القرار عن الوقت المناسب لعملية الخصية المعلقة للكبار، فقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة. كالتالي:
- ضمور الخصية وفقدان الوظيفة.
- ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الخصية (خاصة الأورام الخلية الجنينية).
- مشكلات نفسية وجمالية.
- زيادة خطر التواء الخصية أو الفتق الإربي.
- العقم أو ضعف الخصوبة.
التأثير النفسي والاجتماعي
الكثير من البالغين المصابين بالخصية المعلقة يشعرون بالحرج من التحدث عن حالتهم، وقد يتجنبون العلاقات أو الزواج خوفًا من العقم أو التعرض للسخرية. الجراحة قد لا تكون مجرد إجراء طبي، بل مدخلًا لتحسين جودة الحياة والثقة بالنفس.
الخلاصة
رغم أن الخصية المعلقة يتم التعامل معها غالبًا في مرحلة الطفولة، فإن الحالات غير المعالجة حتى سن البلوغ أو بعده تتطلب تقييمًا دقيقًا وفرديًا. لا يوجد “وقت مثالي” واحد للجميع، بل يعتمد القرار على عمر المريض، حالة الخصية، وجود أعراض، ووظيفة الخصية المقابلة.
في المجمل:
- في الأعمار الصغيرة (أقل من 30)، يُنصح بعملية الإنزال إذا كانت الخصية سليمة.
- في الأعمار الأكبر، خاصة مع وجود ضمور، يُرجح الاستئصال لتقليل خطر السرطان.
- التأخير في الجراحة يزيد من المضاعفات المحتملة على المدى الطويل.
استشارة طبيب المسالك البولية المتخصص، وإجراء الفحوصات المناسبة هو السبيل الأمثل لاتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.