الفرق بين التهاب البربخ ودوالي الخصية
الفرق بين التهاب البربخ ودوالي الخصية من الأمور الهامة بالنسبة للرجال وأمراض الذكورة. حيث تُعد آلام الخصية والمشاكل المرتبطة بكيس الصفن من الشكاوى الشائعة في الممارسة السريرية، سواء في عيادات المسالك البولية أو الطوارئ. وغالبًا ما يقع الطبيب في حيرة أثناء التفريق بين الحالات المختلفة التي تصيب الخصية وما حولها، لاسيما الفرق بين التهاب البربخ ودوالي الخصية. هاتان الحالتان تختلفان اختلافًا جوهريًا في الأسباب والفيزيولوجيا المرضية، وكذلك في النهج العلاجي، ولكن قد تتشابهان في بعض الأعراض السريرية، مما يجعل التمييز بينهما أمرًا بالغ الأهمية لتفادي المضاعفات الناتجة عن التشخيص الخاطئ أو المتأخر.
في هذا المقال، سنستعرض بشكل مفصل الفرق بين التهاب البربخ ودوالي الخصية، من حيث التعريف، الأسباب، الأعراض، الفحص السريري، الوسائل التشخيصية، والخطة العلاجية، مع التركيز على النقاط الفارقة التي تساعد الطبيب في الوصول إلى التشخيص الصحيح.
أولًا التهاب البربخ (Epididymitis)
ما هو البربخ؟
البربخ هو أنبوب صغير ملتف يقع خلف الخصية ويعمل كمجرى ومخزن للحيوانات المنوية. يلعب دورًا مهمًا في نضوج الحيوانات المنوية وتحضيرها للخصوبة. وعندما يصاب البربخ بالتهاب، تظهر أعراض واضحة في معظم الأحيان، قد تتطور إلى مضاعفات خطيرة في حال إهمال العلاج.
الأسباب
تتعدد الأسباب المؤدية إلى التهاب البربخ (Epididymitis)، وغالبًا ما تختلف حسب الفئة العمرية:
- في الرجال الأصغر من 35 عامًا: السبب الأكثر شيوعًا هو العدوى المنقولة جنسيًا، خاصة الكلاميديا التراخومية (Chlamydia trachomatis) والنيسيريا البنية (Neisseria gonorrhoeae).
- في الرجال الأكبر سنًا: عادة ما يكون السبب عدوى بكتيرية صاعدة من الجهاز البولي، كالإشريكية القولونية (E. coli).
- أسباب غير شائعة تشمل: الصدمات، الاستخدام المفرط للقسطرة البولية، أو أمراض الجهاز البولي كالتضخم الحميد للبروستاتا.
الأعراض
تتميز أعراض التهاب البربخ ببداية تدريجية غالبًا، وتتمثل في:
- ألم في الخصية المصابة، يبدأ من الخلف ويمتد تدريجيًا للأمام.
- تورم واحمرار في كيس الصفن.
- إحساس بحرارة في المنطقة المصابة.
- في بعض الحالات، يظهر الألم في المنطقة الإربية.
- أعراض بولية مصاحبة مثل حرقة البول، وزيادة التردد البولي.
- قد يصاحب الحالة حمى وقشعريرة.
الفحص السريري
يُظهر الفحص البدني العلامات التالية:
- خصية منتفخة ومؤلمة عند اللمس.
- ألم واضح عند رفع الخصية المصابة، وقد يخف الألم مؤقتًا (علامة بريهن الإيجابية).
- في بعض الحالات المتقدمة، قد يظهر خراج أو سائل في كيس الصفن.
التشخيص
- تحليل البول: يظهر خلايا قيحية و/أو بكتيريا.
- زراعة البول: لتحديد العامل المسبب.
- الموجات فوق الصوتية (Doppler Ultrasound): تُظهر زيادة في تدفق الدم في البربخ.
- فحوصات الأمراض المنقولة جنسيًا: إذا وُجدت الشكوك السريرية.
العلاج
- العلاج بالمضادات الحيوية: وفقًا للعمر والعامل المسبب المحتمل. (دوكسيسايكلين مع سيفترياكسون في الحالات المنقولة جنسيًا، أو سيبروفلوكساسين في الحالات البكتيرية البولية).
- مسكنات الألم ومضادات الالتهاب.
- الراحة ورفع كيس الصفن لتقليل التورم.
- في الحالات المزمنة أو المتكررة قد يُلجأ إلى الجراحة لاستئصال البربخ.
ثانيًا دوالي الخصية (Varicocele)
ما هي دوالي الخصية؟
دوالي الخصية (Varicocele) هي توسع غير طبيعي في الأوردة الدموية المحيطة بالحبل المنوي، وهي الحالة المقابلة للدوالي في الساقين، ولكنها تصيب الجهاز التناسلي الذكري. تحدث بشكل شائع في الجهة اليسرى بسبب الاختلاف التشريحي في تصريف الوريد الخصوي الأيسر، ولكن قد تكون ثنائية أو نادرة في الجهة اليمنى.
الأسباب
السبب الرئيسي يعود إلى قصور في الصمامات الوريدية داخل الأوردة، مما يؤدي إلى رجوع الدم وتجمعه، وارتفاع الضغط الوريدي في الحبل المنوي. لا تُعد دوالي الخصية حالة التهابية أو معدية، وهي أكثر شيوعًا في الشباب والمراهقين.
الأعراض
قد تكون دوالي الخصية غير عرضية وتُكتشف صدفة، لكن في بعض الحالات قد تظهر الأعراض التالية:
- شعور بثقل أو انزعاج في كيس الصفن، يزداد مع الوقوف أو المجهود البدني.
- ألم خفيف غير حاد، عادة يزول عند الاستلقاء.
- كتلة محسوسة في كيس الصفن توصف غالبًا بأنها “كيس من الديدان”.
- تراجع في حجم الخصية في بعض الحالات المتقدمة.
- في بعض الحالات، تُكتشف أثناء تقييم العقم الذكري.
الفحص السريري
- يُجرى الفحص في وضعية الوقوف، مع أو بدون مناورة فالسالفا.
- وجود كتلة متعرجة فوق الخصية، تختفي أو تقل عند الاستلقاء.
- يتم تصنيف الدوالي وفقًا للحجم إلى:
- درجة أولى (صغيرة): لا تُرى ولكن تُحس عند مناورة فالسالفا.
- درجة ثانية: تُحس بدون مناورة.
- درجة ثالثة: مرئية بالعين المجردة.
التشخيص
- الموجات فوق الصوتية مع دوبلر: هي الوسيلة المثلى للتشخيص، وتظهر الأوردة المتوسعة مع وجود رجوع في التدفق الوريدي.
- تحليل السائل المنوي: قد يُظهر تغيرات في العدد أو الحركة أو الشكل في حال أثرت الدوالي على الخصوبة.
العلاج
المتابعة فقط: في الحالات غير العرضية أو البسيطة.
الجراحة أو الإصمام الوريدي (embolization): تُجرى في الحالات التالية:
- وجود ألم مستمر أو مزعج.
- تراجع في نمو الخصية عند المراهقين.
- حالات العقم المرتبطة بتغيرات في تحليل السائل المنوي.
أنواع الجراحات تشمل: الربط المجهري، الجراحة التنظيرية، أو عبر الأشعة التداخلية.
الفرق بين التهاب البربخ ودوالي الخصية
رغم وجود تداخل في الأعراض كالألم في كيس الصفن، إلا أنه يمكن معرفة الفرق بين التهاب البربخ ودوالي الخصية، كالتالي:
بداية الألم:
- التهاب البربخ: آلام فجائية أو تدريجية خلال ساعات إلى أيام، غالبًا مصحوبة بأعراض التهابية.
- دوالي الخصية: آلام مزمنة، تتطور على مدار أشهر أو سنوات.
الحرارة والاحمرار:
- موجودة في التهاب البربخ.
- غائبة في دوالي الخصية.
الفحص السريري:
- التهاب البربخ: كتلة مؤلمة، حرارة موضعية.
- دوالي الخصية: كتلة غير مؤلمة، تشبه الديدان، تزداد مع الوقوف وتقل بالاستلقاء.
العلامات المصاحبة:
- التهاب البربخ: حمى، أعراض بولية.
- دوالي الخصية: في العادة دون أعراض جهازية.
التشخيص بالأشعة:
- التهاب البربخ: زيادة تدفق الدم في البربخ.
- دوالي الخصية: توسع الأوردة وارتجاع وريدي مع فالسالفا.
العلاج:
- التهاب البربخ: مضادات حيوية، راحة، رفع الصفن.
- دوالي الخصية: مراقبة أو تدخل جراحي.
خاتمة
يُعد الفرق بين التهاب البربخ ودوالي الخصية أمرًا بالغ الأهمية في الممارسة السريرية، خاصة في غرف الطوارئ والعيادات العامة. يعتمد التشخيص الدقيق على الجمع بين التاريخ المرضي المفصل، الفحص السريري الدقيق، والاستعانة بالتصوير بالموجات فوق الصوتية عند الحاجة. معالجة كل حالة بشكل صحيح وفي الوقت المناسب يمنع المضاعفات، سواء كانت العدوى الشديدة في حالة التهاب البربخ، أو العقم الناتج عن دوالي الخصية غير المعالجة.
الفهم العميق للفروقات بين هذين المرضين ينعكس إيجابًا على جودة الرعاية الصحية المقدمة، ويقلل من الأخطاء التشخيصية والعلاجية التي قد تؤثر سلبًا على حياة المريض وتكلفته الصحية.