أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب
أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب كثيرة ومتنوعة. يُعدّ الانتصاب ظاهرة فسيولوجية طبيعية ومعقدة، ترتبط بتفاعل متكامل بين الجهاز العصبي، والدورة الدموية، والهرمونات، والحالة النفسية. وقد يعاني بعض الرجال من مشكلة ارتخاء القضيب بعد الانتصاب مباشرة أو بعد فترة قصيرة، مما يؤثر على جودة الحياة الجنسية، وقد يؤدي إلى توتر نفسي، وإحباط، ومشاكل في العلاقات الزوجية. تهدف هذه المقالة إلى تحليل أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب من منظور علمي شامل، يشمل الأسباب العضوية والنفسية والسلوكية، إضافة إلى طرق التشخيص والعلاج.
آلية الانتصاب الطبيعية
لفهم أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب، يجب أولاً فهم الآلية الفسيولوجية للانتصاب (Penile Erection)، والتي تمر بعدة مراحل:
1. التحفيز العصبي: يبدأ الانتصاب من خلال إشارات عصبية من الدماغ نتيجة لمحفزات بصرية، حسية، أو فكرية.
2. توسع الأوعية الدموية: تُرسل هذه الإشارات إلى الأعصاب في منطقة القضيب، مما يؤدي إلى إطلاق أكسيد النيتريك (NO)، الذي يسبب استرخاء العضلات الملساء وتوسّع الشرايين.
3. امتلاء الأجسام الكهفية بالدم: هذا التوسع يسمح باندفاع كمية كبيرة من الدم إلى الأجسام الكهفية في القضيب، ما يؤدي إلى الانتصاب.
4. انغلاق الأوردة: تنضغط الأوردة المسؤولة عن تصريف الدم، مما يحافظ على الدم داخل القضيب ويُبقيه في حالة انتصاب.
أي خلل في هذه الآلية، سواءً على مستوى الأعصاب، الأوعية الدموية، أو التوازن الهرموني، قد يؤدي إلى فقدان الانتصاب بسرعة أو عدم القدرة على الحفاظ عليه لفترة كافية.
أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب (الأسباب العضوية)
أمراض الأوعية الدموية
تعتبر الأمراض الوعائية أكثر أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب شيوعاً. مثل:
تصلب الشرايين: يؤدي إلى تضيق الشرايين المغذية للقضيب، مما يحدّ من تدفق الدم ويمنع استمرار الانتصاب.
ضعف تدفق الدم الوريدي (تسرّب وريدي): تحدث هذه الحالة عندما لا تنغلق الأوردة بشكل كافٍ، مما يؤدي إلى تسرب الدم من القضيب أثناء الانتصاب وارتخائه المبكر.
السكري
السكري من النوعين الأول والثاني يمكن أن يسبب:
- اعتلال الأعصاب المحيطية: مما يؤدي إلى خلل في الإشارات العصبية المطلوبة للانتصاب.
- تلف في الأوعية الدقيقة: مما يعيق تدفق الدم داخل القضيب.
الاختلالات الهرمونية
الاختلالات الهرمونية تعتبر من ضمن أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب:
انخفاض التستوستيرون (قصور الغدد التناسلية): يقلل من الرغبة الجنسية ويضعف استجابة القضيب للتحفيز الجنسي.
ارتفاع البرولاكتين (الهرمون الحليبي): يمكن أن يثبط إفراز التستوستيرون.
اضطرابات الغدة الدرقية: سواءً فرط أو قصور نشاطها، قد تؤثر على الانتصاب.
الأدوية والعقاقير
تؤثر بعض الأدوية على الانتصاب، ومن ضمنها:
- أدوية ارتفاع ضغط الدم (مثل حاصرات بيتا ومدرات البول).
- مضادات الاكتئاب (مثل مثبطات السيروتونين).
- الأدوية المهدئة ومضادات الذهان.
الأمراض العصبية
تشمل الأمراض التي تؤثر على الأعصاب المسؤولة عن الانتصاب:
- التصلب المتعدد.
- إصابات الحبل الشوكي.
- مرض باركنسون.
- السكتات الدماغية.
أمراض الجهاز البولي التناسلي
- التهاب البروستاتا أو تضخمها.
- أمراض القضيب مثل مرض بيروني (تكوّن لويحات ليفية تسبب انحناء وألمًا أثناء الانتصاب).
أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب (الأسباب النفسية)
تشكل العوامل النفسية جزءًا كبيرًا من حالات ارتخاء الذكر بعد الانتصاب، خاصة عند الرجال الأصغر سنًا:
القلق من الأداء الجنسي:
يؤدي القلق من عدم الإرضاء أو الخوف من الفشل إلى تنشيط الجهاز العصبي الودي، مما يثبط الانتصاب أو يسرّع ارتخاءه.
الاكتئاب:
يرتبط الاكتئاب بانخفاض الدافع الجنسي، وتأثيرات كيميائية في الدماغ تقلل من الانتصاب.
الضغوط الحياتية:
الإجهاد المهني أو الأسري يؤثر على التركيز والرغبة الجنسية، ما يؤدي إلى ضعف الحفاظ على الانتصاب.
تجارب جنسية سلبية سابقة:
قد تخلق تجربة فاشلة نوعًا من البرمجة الذهنية تؤثر على المحاولة التالية.
أسباب سلوكية ونمط الحياة
التدخين:
يساهم في تلف البطانة الوعائية ويقلل من تدفق الدم للقضيب.
الكحول والمخدرات:
تناول الكحول بشكل مفرط يثبط الجهاز العصبي المركزي ويضعف الانتصاب. أما المخدرات (مثل الحشيش والكوكايين) فقد تؤثر على الدوبامين والهرمونات.
قلة النشاط البدني:
الخمول يضعف القلب والدورة الدموية، مما يقلل من جودة الانتصاب.
السمنة:
ترتبط بمقاومة الإنسولين، وانخفاض التستوستيرون، وتدهور صحة الأوعية الدموية مما يؤثر على الإنتصاب.
ارتخاء القضيب أثناء الجماع فقط (الضعف الانتقائي)
في بعض الحالات، يكون الانتصاب طبيعيًا في الصباح أو أثناء الاستمناء، ولكن يحدث ارتخاء أثناء الجماع فقط.
في هذه الحالات، غالبًا ما تكون المشكلة نفسية بحتة، مثل:
- التوتر من العلاقة.
- عدم الانسجام مع الشريك.
- الشعور بالذنب أو الخجل.
- للمزيد انظر (أسباب ارتخاء الإنتصاب أثناء العلاقة).
كيف يتم التشخيص؟
تشمل خطوات التشخيص ما يلي:
1. أخذ التاريخ الطبي والجنسي الكامل:
لتحديد ما إذا كانت الحالة عضوية أم نفسية.
2. الفحص السريري:
يشمل فحص الأعضاء التناسلية، العلامات الحيوية، والأعراض المصاحبة.
3. اختبارات الدم:
- هرمون التستوستيرون.
- السكر التراكمي.
- الدهون الثلاثية والكوليسترول.
- وظائف الكبد والكلى.
اختبارات إضافية:
- موجات دوبلر للقضيب لقياس تدفق الدم.
- اختبار الانتصاب الليلي (NPT): لتمييز السبب النفسي من العضوي.
العلاج
علاج السبب العضوي
- التحكم في السكر والضغط.
- تعديل الأدوية المسببة.
- استخدام علاجات هرمونية إن لزم.
العلاج الدوائي
- مثبطات PDE5 مثل السيلدينافيل (فياغرا)، التادالافيل (سياليس).
- الحقن داخل القضيب.
- مضخات الانتصاب.
العلاج النفسي
يشمل:
- العلاج السلوكي المعرفي.
- جلسات علاج جنسي مع متخصص.
- تقنيات الاسترخاء.
تعديل نمط الحياة
- الإقلاع عن التدخين.
- ممارسة الرياضة.
- النوم الجيد.
- التغذية الصحية.
خاتمة
إن مشكلة ارتخاء الذكر بعد الانتصاب ليست نادرة، وتمثل تحديًا نفسيًا وجسديًا للعديد من الرجال. لحسن الحظ، فإن معظم أسباب ارتخاء الذكر بعد الانتصاب قابلة للعلاج إذا تم تشخيص السبب بدقة ومعالجته بطريقة شاملة تشمل الجوانب الطبية والنفسية والسلوكية. ويمثل التفاهم مع الشريك، والتواصل مع طبيب مختص في المسالك البولية أو الصحة الجنسية، خطوة حاسمة في طريق التعافي واستعادة الثقة الجنسية.